مونولـــوج فـاطمــــة المصـريــــة
مونودراما لممثلة واحدة
كتابة: د.صالح سعد
============================================================
- شاطئ بحر، وخلفية صوتية بحرية مناسبة.. تجلس فاطمة ملفوفة في عباءتها.. بيدها مغزل، وأمامها كومة غزل/شباك صيد.. المكان مضاء بنور قمري شفيف.. فترة صمت.. ترفع بعدها فاطمة راسها ببطء شديد.. تتأمل البحر البعيد في تحد قاس، وصارم.. ثم تعود إلى الغزل وهي تدندن بأغنية ما عن المسافر البعيد.. تتوقف فجأة.
فاطمة: أنا فاطمه المصرية.. أبويا الحر وأمي الحورية وهبوني للي يقدر وحده على مهري.. احتاروا الخُطاب فيا.. لحد ما جه اللي على دراعه اسمي ورسمي، من قبل الزمن منقوش.. فارس ما شافت البنات زيه فارس.. عدى وغافل الحارس.. دخل جنينتي في ليلة كان القمر فيها بدر تم.. أحمر حماَر الدم.. شفته انفتح قلبي، ورميت له منديلي، وكشفت أسراري.. كان مرادي يفوز ويبقى وحده هو اللي ليا.. شاف جروحي لا خاف ولا ارتعب..
وشوشت له: مهري لا هو جواهر ولا دهب.. مهري حجر الشمس اللي يشفى الجروح، حجر ومدفون في رمل خطى فوقه أنبيا.. اركب البحر يا شاطر وروح.. وإن قابلك الغول في الأوله غني له، والتانيه أوعى توطي له، والتالته بسيفك إديله..
قبـٌل جبيني، ورمى صرة همومه فوق ضهره، وشال همته وعداني..
قلت يارب السلامة اكتبها له، والندامه علي اللي عاداه وعاداني..
راح الولد.. دخل السبق شايل قلبه على كفه، متوضي بعرق جبينه.. لم يرضى إلا بالفوز، وهو اللي كان من قبلها بالقلب فايز.. ساعة الصبح دقت طبوله، ورن في السما نفيره.
ولما اتلم موكب الخُطاب، وانفرد شراع الفراق.. وقعد الكبير زي الحكم على الدفه.. لوحت له بمنديلي، وقلت له أمانة ما تنساني، ولاتغيب دا الغياب عني..! قاللي راجع.. مهرك في قلبي، ولو دفعت له عيوني..
من يومها وأنا باستناه والدمعه ما تفارق عيوني.. (تسرح وهي تدندن بلحن حزين) دا الغريب اللي راح وحده.. يا حاضرين ابعتوا لأهله..
دا الغريب اللي راح وحديه.. يا حاضرين ابعتوا لأهليه..
سافر يعدي بحر الروم.. والسما يا ما بتحدف غربان وبوم.. كل يوم ينعق على القلب واحد طالب ودادي، والقلب ما فيه إلا هو واحد.. وأعمل ايه، وكل يوم البعاد يطول، وكل ما يطول البعاد تزيد عليا نار العذول..
اللي يقول مات واندفن ماله رجوع.. واللي يقول اتخطف في حضن جنيه.. واللي يحلف إنه شافه بهيئة روميه..
وأنا أقول راجع.. راجع زي طير حمام مفارق الغية.. راجع لي يا ناس متلفح بدفَيه.. ريس على المركب يغنوا له المراكبيه. (تغني أغنية من أغاني البحارة)..
قالت الجاره أم عيون الشوم، واللي بدم أزرق متحنيه: (تشخص) يا ختي خفي عن نفسك شويه.. الحمَل كده بزياده.. الدنيا بقت زحمه وخنقه، والمعايش صعبه ومُره.. وقال على رأي المثل: من كتر خُطابها بارت.. والبعيد عن العين بعيد عن القلب.
رديت: والله ما باير إلا كلام البعيد اللي على البر مايقدر يحط في الميه ايده.. لو كانوا بس أصايل..! غيرش هم شوية لمامه، استنوا لما الحر سافر، فكرهم مش هيرجع.. مترصصين حوليا من كل جانب، مهما قلت لأ.. لا بيروحوا ولا يمَلوا..
أبويا لما فرغ حجراب الحجج والأعذار، ملاه الهم وعقله طار.. فات الكار والصنعه، وقعد بعد العز محتاج.. من يومها خرجت على الشط، الم الغزل وأرفيه، وكل ما ينصلح من تاني اقطعه واحله. وأهي حيلة على المعايش، وحجة لاجل الخُطاب ما يستنوا..
اللي يجيني في النهار يطلب ودي.. أقوله ركك بس على الغزل في ايدي.. ارفيه مسافة الليل وبكره ارجع لي.. ولما يجي نهار بكره يكون الغزل لسه يادوب مفكوك ومستني على لمه..!
لما الصبر كان يدوب بدأ يزهق، والحيل اتهد، والمركب المكسور قلعه مال وهيغرق.. قفلت عينيا الدموع في ليله وخدني النوم.. إلا وأشوف ست طاهره سبحان خالق النجوم.. جايه عليا زي نجمه منوره وشعرها كالديل.. فرشت بنورها البحر، ومسحت عن البر ظلام الليل.. خضرا خضار الغيطان صافيه.. حسيت لما شفتها إني اتمليت عافيه..
قالت: أوعي تخافي يا أختي، مدي كمان في الزمن مدي.. انت اللي صبرك بقى مضرب الأمثال.. أخلصت في الحب، والمخلص اللي صبر نال.. حبيبك راجع لك في التو والحال.. ملتني بالأمل قبل ما تغيب عن عينيا.. ومن ساعتها وأنا قاعده هنا على الشط مستنيه.. باتسلى بالغنا، والفرجه على الدنيا.. وفي ايدي الغزل أشبكه عقده ورا التانيه.. ولما ينزل سواد الليل أفكه عقده ورا التانيه.!
(صمت)
(تعدد) دا اللي غايب له حبيب يا ناس، قلبه في يوم الشوم مجروح..
واللي مالهش حبيب يا ناس، قلبه كما الصحرا عليل الروح..
وأنا حبيب القلب يا ناس اللي غاب عني.. أسمر سمار الغروب.. مفرود كما العود تحت التوب.. يمد ايده يطول القمر، يجيب النور.. أصيل ما يرضى بالحاجه وذل الغير..
طبيب الجروح لما يداوي، وسبع كاسر لما يعادي.. زين الشباب العشق بيزينه.. من وسط ألف أعرفه بنور جبينه.. قاللي هأدي الفرض وأعود.. وفاتني ومن بعده اتلم عليا الدود.. دود الأرض اللي عمرهم ما شافوا الضي.. إلا لما غاب عني السبع اللي ماله زي..
أخويا اللي عدى البحر يجيب مهري.. لو كنت أعرف بس إن النهر دا مُري.. ما كنت وافقت على غيابه.. تكفيني وقفته قصادي، وضحكة شبابه.. بس المكتوب ما نقدر على منعه.. مكتوب له يفرد للبعاد قلعه .. وأنا اللي مكتوب لي الصبر .. واللي بدر الحب لا بد يجني زرعه..
ابني اللي كان في حضني أغني له.. يصحى في عز الليل أداديه وأحكي له.. زي فرخ الحمام في العش مداري.. أحاجي عليه بتوبي وأداري.. اعلمه المشيه والقمه حروف الكلام كلمة ورا كلمة.. عود أخضر بيتنى.. أسقيه مية عيوني زلال يشرب ويتهنى.. جم اخوانه وخدوه م الدار للنار وياهم.. قالوا فارس وأخوهم لابد يسند معاهم.. قالوا يومين يامه ويرجع.. ما قدرت احوشه واضمه .. فاتت سنين.. لا رجعوا هم ولا جاني حتى قميصه ولا أثر من دمه.
ـ تتلاشى تدريجيا ـ
جــراب الحكايــات
أو
ياما في الجراب
- حكايا مسرحية من ألف ليلة وليلة -
كتابة : د. صـالح سعد
===============================================
شخوص وأقنعة الحكايا:
علي البلدي : جحا
غانم بن غانم : الرومي
الريس ـ القاضي
الفرفور
زوجة الرومي
أقنعة وعرائس : عائلة الرومي وأقاربه
---------------------------------------------
- موكب الافتتاح
- أغنية البداية.. تتخلله مجموعة من النمر الهزلية مثل المغني الأخرس والحاوي..الخ
الرخم/الحاوي: سمع هس
الريس/المقدم: أول كلامنا نوحد الديان
الحاوي: تاني الكلام نصلي على النبي العربي سيد ولد عدنان
الريس: تالت كلامنا سلامنا للحاضرين .. المحسنين والحسان
الحاوي: وسلامنا أجدع سلام.. سلام الجدعان.. الشجعان
الريس: أما الجبان.. خسيس الطبع.. فلا سلام .. ولا كلام
الحاوي: قُصر الكلام..!
الريس: لا هنقول كان ياما كان
الحاوي: ولا هنوقف الزمان
هنقول بس .. جلا جلا
الريس: معانا الليلة حاوي
الحاوي: إنما ايه وله..
لا بيطير حمام ولا بيجيب حمام
ولا بيلعب بالسيميا والارقام
الريس: حاوي جديد
لا بيولع نار.. ولا بيشيل حديد
يضرب ايده في الجراب
الحاوي: هوب.. تطلع حكاية
الريس: قصدك مسرحية
الحاوي: المهم الأصل.. الحكاية
والحكاية برضو مرايه
الريس: صح الحكايه كده في العقل مرايه وفي القلب سلايه
حكاية تكشف البراقع وتقلب المواجع
الحاوي: ياللا يا غاوي.. قبل ما يبدا الحاوي
هنروق المكان.. وتحلى الغناوي
هالي هوب .. جلا جلا
ممثل1: ايدك يا حرامي
ممثل 2 – ايه..؟
ممثل 1 – ايه اللي ايه يا حرامي.؟
ممثل 2 – انا حرامي يا مفتري..؟ دا بتاعي..!
ممثل 1 – قولتلك ايدك.. حرامي وكمان كداب.؟
ممثل 2 – أنا يا نصاب.. يا فقري يا بوز الغراب..؟
ممثل 1 – أيوه أنت يا ضلالي.. فاكرني هاخاف.. لا أنا هازعق، وأقول للناس دي كلها .. حرامي ومد ايده في جرابي.
ممثل 2 – ( يخرج موسا من بين أسنانه )
ممثل 1 – وكمان سفاح وقاتل.. الحقوني ياناس.. الحقني ياريس
ممثل 2 – هات جرابي ( يطارده )
ممثل 1 – لا دا جرابي..
ممثل 2 – باقولك هات.!
ممثل 1 – وأنا باقولك لا.. دا جرابي
ممثل 2 – سيب ياله الجراب
ممثل 1 – ابعد ايدك يا نصاب
ممثل 2 – هات جرابي
ممثل 1 – لا .. دا جرابي
الريس – وبعدين معاكو .. الليلة هتبوظ الله يخرب بيوتكم
ممثل 1 – خليه يسيب جرابي
مجموعة – سيب جرابه
ممثل 2 – باقولك هات جرابي
مجموعة – اديله جرابه
الريس – يا فرقة لمه.. يا شوية حثاله..مش مكفيكم فضايح.. كمان بتسرقوا بعض..! جرابك ولا جرابه..؟ ما تخلصونا..
- يقذف بالجراب أرضا فيلتقطها الفرفور هاربا وتنشأ مطاردة هزلية يشترك فيها الجميع مثل ألعاب الأطفال وهم يغنون " التعلب فات ":
التعلب فات فات وبديله سبع لفات
ما فاتش عليكو الديب الديب السحلاوي
فات فات وبديله سبع لفات
فات علينا كتير وقليل
وقعد يشوح بالمنديل
على الجراب أبو طياره
صحى عيال الحاره
والتعلب.. فات فات
وبديله .. سبع لفات
ما فاتش عليكو الديب الديب السحلاوي
فات فات
وبديله سبع لفات
يارب وسع دايرتنا يكبر نصيبنا في دنيتنا
سبع مداين بتلعلع ع اللي شايف وبيسمع
ع المخدوع واللي بيخدع
واللي بيحكي ما بيخبي..
والتعلب فات فات..
الريس : ( لاهثا ) معلش ياحاضرين.. آديكم شايفين.. لسه يادوب هنقول: بسم الله .. وعملوها ولاد الإيه.. وزي العادة اتخانقوا ع الغلة.. جراب و له صاحبين، ولا جراب بين لصين..؟ مين الحرامي..؟ ومين صاحب الجراب.؟ الجواب في الجراب.. والجراب في الجواب.. جراب وصاحبين، جراب ولصين.. هم في الحقيقة صاحبين، ولا لصين..؟ الحقيقة انهم.. جراب وحرامي.. جراب وصاحب.. سؤال وجواب.. مين صاحب الجواب..؟ اثنين ومظلمه.. خصمين ومحكمه.. (ينادي) محكمة.!
================================
* في المحكمة:
الممثلان معا ( في أدوار علي البلدي وغانم بن غانم ) يندفعان.. يتصادمان.. وكأنهما في سباق محموم..
معا – يا ناس .. يا ناس
علي – يا ناس.. يا سامعين، وحاضرين.. يا فاهمين، ورايقين.. يا طيبين، ومن ربنا خايفين..
غانم – (مقاطعا) يا ناس.. يا حلوين.. ياللي جايين لنا ومشرفين، وللسهرة مستعدين.. ياللي بالحلال واكلين.. وم الحرام خايفين.. يا الله يا قاعدين.. يا أهل اليمين.. ربنا يوعدنا والسامعين.. ساعدوني.. اسندوني.. إذا اتعذرت هأرفع ايدي اليمين.. تقولوا آه.. أرفع ايدي الشمال تقولوا لا.. هه.
الفرفور – لو ترفع ايدك اليمين يقولوا .. آه .؟
غانم : آه.. مستعدين ( للجمهور ).. ماشي نجرب.. (فاصل مع الجمهور)
الفرفور – ولو ترفع ايدك الشمال يقولوا لا..؟
غانم : لا.. قولوا لا ..
علي : آه يا فاجر ياكهين.. عايز تسرق كمان الحاضرين.. تـنيمهم وهم صاحيين..لا.. اياك علشان مش داريين.. ولا علشان حقيقتك مش عارفين..؟
الفرفور : جرى ايه يا علي.. الناس دول فاهمين وعارفين.. سايبين بيوتهم وجايين.. لاجل يبقوا شهود حاضرين.. مش مجرد مشاهدين.. (تسأل الجمهور) صح ولا احنا غلطانين..؟
علي وغانم معا – (يجريان ناحية الجمهور في صراع) شاهدين.. شاهدين..!!
علي : أنا علي البلدي.. الجراب دا كل اللي عندي.. هو داري وولدي.. هو يومي اللي يعدي.. وهو بكره الوردي..
غانم : وأنا غانم بن غانم.. عمري ما كنت ظالم.. وأسألوا كل المحاكم.. الجراب دا جرابي.. والكل فاهم.. فيه شقايا وعرقي.. جرابي وأنا صاحي، وأنا نايم.. وأنا شبعان وأنا صايم..
علي : قلت لك دا جرابي..
غانم : خلاص يبقى نسمع رأي القاضي..
علي : وأنا مالي.. هو أنا فاضي.. جرابي معايا.. ماله ومالي القاضي..؟
غانم : وخايف ليه.. ليه مش راضي..؟
علي : لأ.. راضي..
غانم : خلاص ياللا يا حرامي..
علي : امش أنت قدامي يا ضلالي.. (يتدافعان جهة منصة القاضي )
الفرفور : (يغني) حادي بادي جراب بينادي
شالوا حرامي جابوا منادي
حادي بادي جراب بينادي
جيش العسكر طالع يسكر
نازل يخسر مين علمهم
سـف السـكر
آدي البير وآدي غطاه
وآدي القاضي احنا جبناه
الحاجب/المغني : ( ينادي ) محكمة.. قرب.. قرب يا متهم منك ليه.. قرب يا محترم.. مين فيكم المتهم.. ومين المحترم....؟
علي : هو.. هو المتهم
غانم : أيوه.. أنا.. أنا المحترم..
علي : لأ.. هو المتهم.. وأنا المحترم..
غانم : اخرس يا متهم.. أنا وبس المحترم
القاضي – سمع.. هس.. بلا متهم.. بلا محترم.. أنا الحكم.. أنا القاضي.. والقاضي أنا.. أنا الفاهم أنا.. والحق والعدل عندي هنا.. عندنا.. وقرب قرب.ـ
الحاجب/المغني – وتعال عندنا أجدع محكمة..
القاضي – ايه المظلمة..؟
الفرفور – (في صورة محامي) يا سيادة الرئيس.. يا حضرات الممثلين.. هذان الرجلان خصمان يدعيان أنهما لهذا الجراب مالكان.. وأنهما أيضا له سارقان.. مالكان أم سارقان.. سارقان ام مالكان.. أو أنهما مالك وسارق.. سارق ومالك.. المهم أن أحدهما بالحق مالك، والآخر للحق سارق.. والسلام عليكم ورحمة الله.
علي : دا جرابي
غانم : لأ.. دا جرابي
علي : والله.. جرابي
غانم : قلت لك جرابي
القاضي – بس.. كفايه وإلا رميتكم في الحبس أنتو الاتنين لحد ما يبان الحق والمستحق.. لأني أنا.. أنا باحب الحق، وأحمي الحق، وأحق الحق.. (ينظر فجأة جهة الفرفور) لكن أنت بقى مين..؟ مالك أنت ومال الخلق.؟ تعال.. تعال.. بتترافع عن فيهم.؟ أنت قريب حد فيهم.؟
الفرفور : لأ
القاضي – صاحب حد فيهم.؟
الفرفور – لأ
القاضي – حد منهم دعاك.؟
الفرفور – لأ
القاضي – آه.. يبقى حضرتك شاهد.. شفت عركه قلت أساعد.. آه.. قرب تعال.. تعال هنا (يمسكه فجأة من خناقه بعنف) أسمع يا صرصور. ـ
الفرفور – فرفور سعادتك.. فرفور..
القاضي – أنا بقى لا بحب الشهود.. ولا اللي بيقفوا على الحدود.. شغل النميمة ما باحبوش.. ونقل الكلام ما باقبلوش.. فاهم.؟
الفرفور – فاهم.. فاهم
القاضي – أنا مش نايم.. أنا هنا اللي عارف، وفاهم.. وحكاية الـ.. ألـ.. (يحاول التذكر) الحجاب دي كما أنا عارفها.. وفاهم أصلها وأساسها..
غانم : الجراب ياباشا الجراب..
القاضي – حجاب.. سحاب.. مش مهم..! المهم سبب الخناقه أنا عارفه.. كله بيوصلني، والحرامي أنا شايفه.. كله كله.. الهمس، والمس، الغمز، واللمز.. الآهات والنظرات.. حتى اللفتات.. كله عندي أنا ميزان الحق.. حد يقدر يقول لأ.؟
غانم : (مهللا) الله.. الله.. الله عليك يا فضيلة القاضي.. قولوا معايا عاش.. عاش.. عاش الفاهم عاش.. الرجل الحق يحب الحق.. الرجل الحق يحق الحق..
القاضي – شكرا.. شكرا.. أما بعد.. فيأيها المتهمين.. ويا أيها المحترمين.. اسمعوا واعوا.. صحيح الشجار والخصومة جريمة.. لكن كمان الشهود والحدود، والقيام والقعود.. والصراحة، والفصاحة، والكلاب النباحه، والنسوان النياحه.. وكل اللي يقلق الراحه، ويجمع الخلق في الساحة.. كل هذا يعزز المظالم، ويزيل النعائم.. ويزعج النائم..! وكما يقول الشاعر الواعر، الداعر: فكل المصايب تبدأ من الجيره، واللت والعجن من غير خميره.!
غانم : الله.. الله دا شعر يا ناس .. شعر فحل..
القاضي – اخرس يا ندل.. (يفكر) جراب ومالكين..؟ جراب وسارقين..؟ متهمين..؟ أم محترمين..؟ أم مجرد كذابين..؟
غانم : اتكلم أنا بقى يا سيادة الريس.. الجراب دا جرابي.. ومعايا العقد والحجة، والناس دي كلها عارفه.. (يتجه للجمهور) هه.. فاكرين.. ايدي اليمين.. فاكرين التمرين.. الجراب ده بتاعي.. (يرفع يده اليمنى) ها.. وكل اللي فيه متاعي.. ها.. وضاع مني امبارح، لما كنت في النوم رايح.. ها.. والنهارده لاقيته مع الحرامي ده.. هه..
علي : كداب والله يا فضيلة القاضي..
غانم : ها.. أنا كداب (يرفع يده اليسرى)
علي : أيوه.. كداب وستين كداب.. وكل اللي هيوافقه يبقى زيه كداب
القاضي – كل دول كدابين..؟
غانم : الله.. الله أكبر.. شوف السؤال.. الله.. ( يصفق للقاضي ويستحث الجمهور لكي يصفق معه )
علي : أيوه كداب.. وكل اللي هيوافقه زيه، وكمان نصاب..
القاضي : كل الناس كدابين.. دا أنت صحيح مسكين..!
( غانم مايزال يستحث الجمهور على الهتاف للقاضي )
الفرفور – آه لو كدب الشاهد.. وآه لو شهد الكاذب.. لا هيبقى فيه فرق بين حق، أو باطل.. ولا هينفع قسم ، أو يمين..ويرتاح الظالم ويقفل باب المحاكم..
القاضي – (بعصبية مفاجئة) لا.. لولا ان القاضي فاهم لعمت المظالم.. وأنا هنا اللي هاميز بين الاتنين.. وأعرف بنظرة عين المتهمين من المحترمين.. والحق بي أنا يعود، مش بالشهود.. اسمع يا.. (ينادي غانم)
غانم : خدامك غانم بن غانم
القاضي : قولي يا غانم.. بس بصراحه.. الجراب ده جرابك..؟
غانم : أيوه طبعا يا باشا..
القاضي : ok ..! طيب تقدر تقولي فيه ايه..؟
( غانم يتحير لحظة.. يفكر.. )
غانم : لكن يا سيادة القاضي أنا مش حرامي.. وحضرتك تقدر تشوف صحيفة سوابقي.. الجراب ده بتاعي، أنا وبس اللي يعرف اللي فيه، عارف حواريه، حافظ مداخله ومخارجه، وكل اللي مستخبي فيه..
القاضي : أنت بتقول ايه..؟ باقولك الجراب ده.. ده.. فيه ايه.؟
غانم : وعلشان خاطر سعادتك بس أنا هاقول، هاكشف المستور، وأمري إلى الله.. بس علشان يبان الحق.. ونعرف الآه من الـ لأ.. هأقول..
القاضي : يا سيدي قول..
( يعود غانم للتفكير.. بينما يدور حوله الفرفور بأغنية..)
الفرفور : واحد اتنين .. رايح فين
تلاته أربعه .. ع المطبعه
خمسه سته .. اكتب لسته
سبعه تمانيه .. اطبخ باميه
تسعه عشره .. ذيع النشره
===============================
مقالة غانم الكذاب فيما في الجراب:
غانم : في جرابي ده يا سيادة القاضي..
القاضي : ها..
غانم : في جرابي ده قلم ودفترين.. وحربة وسيفين.. وألف فدان فوقهم بيتين.. واحد من طين، والتاني من عجين.. وبينهم طريقين.. واحد أخضر زراعي.. والتاني أصفر صحراوي.
القاضي : طريقين ياظالم.. طريقين يا بن غانم..؟
غانم : أيوه سيادتك طريقين.. وكل طريق فيهم اتجاهين..
القاضي : آه.. قول كده بقى نورنا..
غانم : في جرابي ده يا حاضرين شمس وقمرين.. واحد طبيعي والتاني صناعي.. شط وبحرين.. واحد مالح، والتاني.. مافيش داعي.. في جرابي مصايف وشماسي، سواح وكراسي، أصحاب وأحباب، صبيان وبنات، راقصات ومغنيات.. وسفن وبواخر، ودينار.. ودينار.. ومشوار من بغداد إلى جده، وصناديق دهب، وصناديق فضه.. ومليون متر قماش، حرير وشاش.. من دمياط إلى أسوان، ومن غزه إلى طهران..
القاضي : يا غانم.. يا بن غانم.. خليها شويه محبكه.. كل ده في الجراب.. ايه مملكه.؟
غانم : ولا يهمك يا سيادة القاضي.. في جرابي ده بنوك وشركات، وكلاء وشيكات، موظفين وموظفات.. في جرابي تفاح وجيلاتي، وكباب بلا حاتي، ومزه وكاسات، وديسكو ورقصات.. أيوه يا حاضرين وشاهدين.. وحق ايدي اليمين.. في جرابي ده عشرين نادي، وراديو بينادي، على كوره بترمح، ولاعيبه بتمرح.. في جرابي بارتي وجلابية، معاها كوفيه وطاقيه، وجواهر فرعونية، وصواني عربية، ومواتير غربي.. وكمبـيوتر ودش، ونت ما يعرفش الغش.. وصور بالألوان، وجميع أنواع الدخان، وفيه من النعيم أشكال وألوان..
الفرفور : ها يا حاضرين وشاهدين.. سامعين: جراب وغانمين.. غانم بن غانم.. غانم وطريقين.. سؤال ووقفه، جراب ده ولا قفه..؟ ولا بحر مالوش قرار، وعينان مالهاش نهار.؟ ها.. اتنين في مظلمه.. اتنين في محكمه.. محكمه..
==========================
* مقالة علي البلدي عن جرابه الوردي:
علي : ( يبدو منهارا تماما ) صلوا ع النبي الهادي.. الجراب ده يا حضرات فيه صحن قديم وسبع بلحات، وفيه مبخره وبخور وسبع حبات، وقلة حمرا وابريقين، وشمعدان نحاس وشمعتين، ونيل أخضر وترعتين، وشجرة كافور ونخلتين، وحياة سيدنا الحسين والسيده والسيد البدوي ده جرابي والله.. وفيه كمان توب فضه.. وحمار صغير وقطه..
القاضي : حمار وقطه..!
غانم : مش قلت لك يا باشا دي خطه..
علي : أحلف لك يا بيه بحياة أولادي.. وبالديك لما ينادي.. ده جرابي.. فيه أبريق ومشنه، وقزازة عطر وحنه، وسبع سواقي، وصحاب بتلاقي، وعشرين ألف قهوه بتجمع الناس الحلوه.. وألفين مدنه وجامع، ومخازن قمح وصوامع، وكتب وأوراق، وأخبار وأنباء..
القاضي : شويه وهتقول لنا فيه الهرم..؟
غانم : لا وأنت الصادق يا باشا.. يمكن كما يقول فيه الأقصى والحرم..!
علي : فيه.. فيه سبع أهرامات، ومعابد ومسلات، ومليون مقبره، وصحرا مش متعمره.. وربابه وناي وأعواد، وقناة وبحاره شداد، وكور وألف حداد، ولا ارم ذات العماد.. فيه يا ناس.. فيه شيوخ وزهاد، وخيرات وقبائل وأنعام، وأصناف من الطيبين ومن ولاد الحرام.. (يبدو عليه التعب بوضوح)
القاضي : يابني ارحم نفسك واختصر..
غانم : باين عليه بينازع يا باشا.. نادوا الحكيم
علي : لا يا لئيم.. الجراب ده جرابي.. فيه كل اللي قلت لكم عليه.. قمح وحطب، حديد ودهب، مصنع وورديه، وغيطان منديه.. دراويش وموالد، وألف ايد بتساعد.. فيه مدارس من غير كتب، وتاريخ الأرض والشهب، وبياعين ومشترين..جايين ومسافرين، غزاه وأحرار، طيبين وفجار.. وأشياء عجب.. فكم فيه من لص له نسب، ومن حق اتنهب..
غانم : كل ده يا كذاب.. ( يمسك بخناقه) قلت لك ده جرابي.. هات يا نصاب
علي : لأ.. ده جرابي..
غانم : باقولك جرابي..
علي : والله جرابي..
يتحول الاشتباك تدريجيا إلى صورة صامته ما تلبث أن تتجمد..
القاضي يتنحنح وكأنه يفيق من نعاس:
القاضي : والله دي حاجه تحير، لولا إن الجراب في ايدي، وانتو الاتنين هنا قدامي، كنت قلت دي حدوته من الحواديت.. جراب وفيه طرق وبيوت، واهرامات ومزارع، وغيطان ومصانع.! والله انتو الاتنين نصابين وكدابين.. يا ملهم العقل والصواب، كل ده في الجراب.؟ (يفكر قليلا..) اسمعوا يا متهمين.. ويا محترمين، علشان ابقى وياكم أمين.. وحتى لا تطول بنا السهرايه.. ونبقى عبره وحكايه.. هسألكم سؤال أخير.. فزوره لازم لها تفسير، والفزوره جوه القصة، والقصة لسه ناقصة.. والذكي الفصيح، هيعرف الجواب الصحيح.. واللي يعرف الجواب، يبقى أكيد هو صاحب الجراب، أما الغبي البليد، هيكون عذابه شديد، وهاعلق راسه فوق الباب، ويبقى هو حرامي الجراب.؟
الحاجب : محكمة.. (يميل على القاضي ويهمس له)
القاضي : عندك حق يا حاجب، الراحه برضو واجبه، وعلشان ما تكمل الراحه، لابد ما تاخد المحكمة استراحه، قبل السؤال والجواب، والثواب والعقاب.
الحاجب : رفعت الجلسه..
- يختفي القاضي بسرعة.. اظلام –
فاصل جانبي : يظهر علي البلدي في بقعة جانبية مع الفرفور..
الفرفور: فهمت المطلوب يا بلدي..؟
علي : والله ولا اللي بنستنى المهدي..؟
الفرفور: يا علي لكل مقام مقال، والقاضي هيحكم بالسؤال.. يبقى المطلوب ايه..؟ الصراحه ولا الفصاحه..؟
علي : حملك علي شويه.. كفايه اللي فيا.. من سؤال لسؤال يبدل الله من حال لحال.. هه.. أحوال.!
الفرفور: باقولك ايه..؟ فوق كده وبلاش شغل الدروشه.. يابني افهم اللعبة.. طريقك صعبه.. مهما صرحت وصرخت، وفوق أعلى مدنه طلعت، تنادي على الحق، وتسمع الغرب والشرق.. ولا حد هيسمعك.. علو لصوت مش هينفعك..؟
علي: قصدك ايه..؟
الفرفور: قصدي إن حقك تاخده بدراعك، مش بطول لسانك..
علي : وأنا فيا حيل.. أنا شفت الويل.. آ÷ ياني بس ياربي.. والله دا أنا انفطر قلبي.. الجراب جرابي.. هم ليه مش مكفيهم جوابي..؟
الفرفور: والله انت هتخليني اقطع هدومي.. دا أنت ولا جحا مع الرومي..!
علي : جحا مع مين..؟
الفرفور: مع الرومي..؟ هو أنت ما تعرفش الحكاية..؟
علي : لأ.. أول مره أسمع عنها.
الفرفور: غريبه..!
علي : احكيها وتبقى قريبه.. ياللا احكيها لي..
الفرفور: وأنا فاضي..؟
علي : ورانا ايه.. آهو على ما يصحى القاضي..
الفرفور: ماشي.. اسمع يا سيدي.. صلي ع النبي.. والفاتحه ع الظالم.. وكمان ع الغبي..! صلوا ع النبي.. (للجمهور)
علي : عليه اجمل الصلاة والسلام.. والفاتحه نقراها ينور الظلام..
الفرفور: بس قبل ما احكي لازم تصحصح وتفهمني..!
علي : بس أنت قول وخلصني .. ها كان ايه..؟
- حركة تغيير تدريجي في الاضاءة والمنظر الحالي.. ليصبح هو بيت جحا-
===========================================================
* حكاية جحا مع الرومي:
الفرفور: كان ياما كان.. قبل زمان الشقا والهوان.. كان فيه راجل عربي طيب.. كريم، وكان صاحب عزه ومجد قديم.. وكان اسمه جحا.. ويحكى والله أعلم بغيبه وأحكم.. وأعز وأكرم بعباده أرحم.. كان في نفس الزمان، وفي مكان غير المكان.. كان يعيش رومي واسع التدبير.. لكنه كان مسكين، فقير.. يجوب البلاد والأمصار.. يوصل الليل بالنهار.. يسأل الناس الإحسان.. يفتش عن مأوى له أو مكان.. أي مكان..! وكان:
- يظهر جحا وحده داخل بيته على سجادة الصلاة.. الرومي يدق الباب.. -
الرومي: يا أهل الله الله ياللي هنا.. يا أهل السعاده والهنا.. يا أصحاب المرؤة والكرم..ربنا يديم عليكم النعم.
جحا : اتفضل ياللي بتنادي.
الرومي: غريب أنا وفين بلادي.. غريب ومستني ميعادي..
جحا : اتفضل الدار دارك..
الرومي: طبعا طبعا.. الله يعز مقدارك، ويزيد فضلك، ويزيد عزك وكرمك.
جحا : أي خدمه يا أمير.؟
الرومي: العفو العفو دا أنت الكبير.. يا طيب يا أمير..
جحا : يا سيدي العفو..
الرومي: دا أنت اللي سيدي.. ياللي تاخد بايدي..
جحا : منين بقى الأخ المحترم..؟
الرومي: الجنسية رومي.. لكن الأصل، زي الحال ضايع.. لا لي أهل ولا بلد.. رحاله ساحب ورايا مراتي والولد..
جحا : وهم فين..؟
الرومي: بره ع الباب سايبهم.. أنا برضو خجلان أجيبهم..
جحا : لا.. والله مالكش حق.. انتو ضيوفي.. انده عليهم.. ( ينادي داخل الدار) يا أم العيال يا ولد..
الرومي: (ينادي خارجا) يا أم العيال.. ياولد.. (يدخلان بسرعه)
جحا : جهزوا العشا والمضيفة..
الرومي: سلموا على مولانا جحا وقبلوا ايديه.. ( يهرعان إليه)
جحا : العفو يا ستي العفو.. (متراجعا)
الزوجه: والعفو ليه..؟ سيرتك الحلوه على كل لسان.. الناس بتحكي عن أفضالك في كل مكان.. وآهو كملت السيرة مع الصوره.. زي البدر في البنوره..
جحا
خجلا) وبيقولوا عني ايه..؟
الزوجه: (بدلال) فحل بصحيح .. ذكي، فصيح.. أبو النباهة والجدعنه.. سلطان ولو من غير سلطنه..
جحا : ( متواضعا) الله يخليهم ويخليكي..
الرومي: له نوادر وحكم.. ما يكفيهوش ولا مية قلم..
جحا : الله يكرمك..
الزوجه: دا غير الكرم والجوده.. والإيد اللي دايما مفروده، وبالخير للغير ممدوه..
جحا : دا كتير والله عليا..
الزوجه: بالعكس.. دا قليل مش كتير.. يا طيب يا أمير..
جحا : (مندفعا) انت النهارده ضيوفي..
الرومي: دا أكتر م العشم.. ربنا يديم عليك النعم.. بس. ـ
جحا : بس ايه..؟؟ اوعى ترفض ضيافتي..!
الرومي: لأ.. مش قصدي.. أنا قصدي يعني إننا..
جحا : كلكم ضيوفي.. (ينادي) ياولاد جهزتوا المضيفة..؟
الرومي: أيوه بس المشكله.. ـ
جحا : ما فيش مشكله..
الزوجه: اسمع ياخويا.. احنا أهل وعيله.. جوزي أصله ـ بلا نيله ـ قال ايه شايفها تقيله..
جحا : هي ايه اللي تقيله.. ما تقول يا راجل.!
الرومي: الحقيقة اننا ناويين نطول شويه هنا في المدينه..
جحا : وماله.. انتو برضو ضيوفي.. انت والست والولد..
الرومي: دا أكتر م العشم.. ربنا يديم عليك النعم.. بس. ـ
جحا : تاني..؟ بس ايه..؟
الرومي: الحكايه باختصار يا أمير جحا.. احنا لنا وياك.. small business مصلحة..!
جحا : هه.. مصلحه..؟ تجاره يعني..؟ خير انشاء لله.؟
الزوجه: طبعا.. خير بإذن الكريم.. احنا عارفينك حليم.. ومش هتمانع أبدا لو طلبناه منك بالايجار.. ما تخافش.. مش بيع.. بس ايجار..
جحا : هو ايه إنشاء الله..؟ أنا ما عنديش للإيجار غير البيت.. والحمار.!
الزوجه: لأ الحمار خليه في حاله..
الرومي: والبيت احنا مالنا وماله..
جحا : يعني لا الحمار ولا البيت..؟
الزوجه: احنا عايزين اللي قباله..
جحا : قبال مين.. الحمار..؟
الزوجه: لأ طبعا.. قبال البيت..!
جحا : هو ايه اللي قباله..؟ مافيش غير النهر.. ودا مش بتاعي.. وما أعرفش مين اللي بيأجره.؟
الزوجه: نهر مين يا راجل..؟ خليك عاقل..!
جحا : يبقى ما فيش غير شجرة البرتقال.. ودي شركه مابيني وولاد عمي الجيران..
معا : ما احنا عارفين..!
الرومي: احنا بقى عايزين ضلها..
جحا : ضل ايه..؟
الزوجه: ضل الشجره يا راجل..؟
جحا : شجرة ايه..؟
الرومي: شجرة البرتقال..!
جحا : كمان..؟
الزوجه: ايه هو اللي كمان..؟ احنا ما طلبناش غيره.. منك بس هنأجره.. هنعمره ونسكنه.
جحا : دا كلام لو دخل العقل يجننه.!
الزوجه: ليه بس.. أنت اتوكل بس واوزنه..
جحا : هو ايه اللي اوزنه.. الضل..؟
الرومي: لأ.. الكلام طبعا يا أمير..
الزوجه: هتلاقيه معقول وعال.. ياللا قول بالصلاة ع النبي عايز كام..؟
جحا : كام ايه..؟
الرومي: كام جنيه..
الزوجه: أو كام ريال.. أو درهم.. أو دينار..؟ هو ايه ياربي.. حمار..!
جحا : حمار مين..؟
الرومي: ياعم بس قول.. ياللا ع البركه.. المال موجود.. والضل مفرود.. فاضل بس العقود.. ياللا بقى قبل ما يروح ما يعود..
جحا : هو مين..؟ وعقود كمان.. يا ناس دا جنان..!
الرومي: ليه بس..؟
الزوجه: ليه مش عايز تسلم..؟ مين اللي يعلم..؟
جحا : ولو قلت خلاص موافق..؟
الرومي: يبقى نمضي العقد حالا.
الزوجه: ياللا هات العقد قوم.. قوم يا راجل..
الرومي: قوم..يا طيب.. يا كريم.. يا بن الأصول..
- ينهض جحا من بينهما متعجبا.. وهما ينظران لبعضهما البعض نظرة ذات مغزى..
- ثبات –
الفرفور: (مستطردا) وقد كان يا ساده.. ويا سيدات.. فقد باع جحا ظل شجرة البرتقال العتيقة، بعد أن أقنعاه الرومي وزوجته بهذه الطريقة.. واستقر الرومي وأسرته تحتها، يستظلون بظلها، ويحرمون جحا وأولاد أعمامه ـ جيرانه ـ من ثمارها وخيرها.. ودارت الأيام والفصول.. وظل الشجرة يدور، والرومي معه يدور.. فأيام يقضيها الرومي مع الظل في المنزل.. وأيام كان جحا إلى الساحة ينزل.. وما زاد وغطى.. هو هذا الرومي الذي نام وتمطى.. وجعل من بيت جحا مزارا للأغراب ومحطه..!
ـ جحا في نفس جلسته الأولى فوق سجادة الصلاة.. يعبره أناس غرباء.. ـ
جحا : رايح فين يا سيد..؟
واحد : عند ابن عمي..!
جحا : أهلا وسهلا.. عدي.. وأنتو مين..؟
جماعة : احنا ولاد خالة الرومي المسكين.. اصله واحشنا من سنين.. بعد اذنك..!
جحا : أهلا وسهلا.. (يفكر) هي إيه الحكاية..؟ البيت أصبح ولاية.. كل يوم ناس أشكال وألوان.. لأ.. أ،ا اللي غلطان.. أيوه.. لازم أشوف لي حل معاه.. أيوه امال أيه..! (يتجه إلى الرومي المختفي وسط حفل من أهله.. يهللون ويرقصون.. يناديه
اسمع يا صاحبي.. ايوه.. أنت.. ممكن كلمتين..! ( ينتحيان جانبا)
الرومي: أهلا يا أمير جحا.. اتفضل
جحا : لا أمير ولا خفير.. يا سيدي أشكرك.. أنا بس جاي أسالك.. الخلق دي كلها فين هتعيش.. معقول..! كل دول قرايبك.. دول جيش..!
الرومي: يا ساتر عليك.. ايه ياراجل.. عينك..! بطل حسد..
جحا : يا سيدي مش قصدي.. أنا قصدي.. ـ
الرومي: وبعدين يا أخي أهلي.. عزوتي.. ايه ممنوع.. ولا يعني اكمنك مقطوع..؟ ماهم ولاد عمك جنبك.. ليه ما بيجوش يمك..
جحا : أيوه بس دا كتير..!
الزوجه: (تدخل بينهما) لأ.. لأ يا أمير.. لحد كده وارجع يا فحل.. احنا برضو لنا أهل..
الرومي: آه.. واحنا بينا وبينك عقد رسمي.. موقع عليه باسمك واسمي..
جحا : ما قلتش حاجه.. بس يعني.. ـ
الزوجه: بس خلاص.. كل واحد في مكانه.. مالوش دعوه بجيرانه.. احنا خلاص مخاصمينك.. مادام نسيت اللي بينا وبينك.. قال صباح الخير يا جاري..
الرومي: أنت في حالك وأنا في حالي.
ـ ثبات ـ
الفرفور: (يكمل) وهكذا يا سادة.. جاء اليوم المشئوم.. عندما صحا جحا من النوم.. فرأى الرومي بجانبه.. ينام هو وزوجته واقاربه.. يشاركون جحا في السرير.. ويملئون البيت نهيقا وشخير.. وكان الصبر من جحا قد نفد.. وعزمه انعقد، على طرد الرومي الغشوم.. وفسخ العقد المزعوم.. ولو كان بعد أن اشتد الخلل، وسبق السيف العزل.. نهض جحا من نوه، وصاح في الأغراب بكل قوه:
جحا : ياللا يا غربان.. يا حدادي.. أنا لا يهمني عقد ولا قواضي.. أنا خلاص مش راضي.. وهو العقد ايه غير التراضي.. كلامي سحبته، وفلوسكم خدوها.. مادام عايزين تنهبوها.. آه العقد خلاص نهيته.. كل واحد حر في بيته.. يالا يا أوباش يا لمامه.. كان يوم نحس.. وساعة ندامه.. الصبح يصبح تخرجوا.. من بيتي وم البلد كلها تطلعوا.. واللي عنده خيل أعلى ما فيه يركبه.!
الفرفور: وسمع الرومي خطبة جحا وتحير.. فجمع أهله ليتدبر..
الرومي: (يدعو الجميع لاجتماع بجرس في يده) ياللا ياأحباب.. اجتماع.. ياللا قوام.. اقفلوا علينا الباب.. قولولا لي ايه العمل..؟ ياللا عايز قوام جواب..!
الزوجه: طبعا مش معقول.. يصبح الحلم في لحظة مجرد سراب..
واحد : خروج مش هنخرج.. احنا مش جايين نهرج..
الرومي: وجحا.. وكلامه..؟
الزوجه: وتهديده.. وأوهامه..؟
آخر : نهاجمه فورا.. احنا عصبة جامده.. وهو وحده..
الرومي: لا.. الكلام مش كده على العموم.. لسه بدري على الهجوم.. ده رأيي الحكاية عايزه شوية ذكاء..
الزوجه: يبقى رأي الحكيم هو اللي يحسم كل الأراء.. قول يا بابا..
الأب العجوز: أولا.. جحا مش هيسيب مكانه.. مهما كان لوحده.. والصبح هيقوم ينادي أهله، وجيرانه.. وهتبقى فضيحة وقضية.. وهو عنده أسبابه، وحجته قوية.
ثالث : يعني ايه.. قصدك إننا مش هنقدر عليه..؟
الأب : لأ.. هنقدر.. بس نصبر.. بالحيلة كل شيء يتدبر..
الزوجه: لأمتى نصبر..
الأب : قبل الصبح ما يهل.. تكون الدار بقت هي الضل.. والضل يصبح هو الدار.. المهم قبل طلوع النهار..
الرومي: مش فاهم.. يعني ايه..؟
الأب : لو شيلنا الشجرة اياها من جدورها.. وجبيناها هنا في صحن الدار.. كل شيء هيبقى بالمندار.. وزيادة في الاحتياط.. هنغير كل شيء، الحيطان والبلاط.. كل شيء هيكون جديد بالدهان.. المكان يصبح غير المكان.. واحنا نبقى في الأمان.
الرومي: دا حل رائع..
الأب : دا اسمه سياسة الأمر الواقع.. أنت تبقى في الدار قاعد.. والعقد موجود وشاهد.. لا حد يقدر سند أو يساعد..
الكل : أما فكرة..
الزوجة: بس ياللا قبل ما ييجي بكره..
الفرفور: وعندما طلع النهار.. ركب جحا الحمار.. وراح يدور يطرق الأبواب، يجمع الأهل والأصحاب.. وهو يحكي ويكرر، قصته مع الرومي المزور.. يحكي ويبكي.. ويهدد ويوعد.. ويرغي.. ويزبد.. حتى مالت الشمس للغروب، ودارت الرقع الثقوب.. فعاد جحا ومن خلفه الخلق أفواج، وكان الرومي وأهله قد أحكموا الرتاج.. فوجد الباب مغلق.. وعاد يصرخ ويشهق.. يطلب الدخول.. بينما كان الرومي من الداخل يقول:
الرومي: دي داري، ودا ضلي.. هنا عفشي وأهلي.. عقد البيع والخريطة معايا.. دفعت فيها عرقي وشقايا.. بصوا يا خلق وشوفوا.. جحا دا حرامي بجح.. مش بيداري كفوفه..!
الفرفور: ولما سمع الناس كلام الرومي، وشاهدواعقده.. وتحققوا من صدق اجابته ورده.. لعنوا جحا وظلمه.. وانصرفوا جميعا عنه.. ورأى جحا نفسه في هذه الحال.. فراح يحمل على رأسه الطين والأوحال.. وهو يصرخ بالأشعار والأقوال..
جحا : وحق البذرة والرحى.. صاحب البيت جحا.. وحق الأزقة والخوانق.. الرومي هذا لص سارق..
الفرفور: لكن الناس كانوا يسمعونه متعجبين.. فيهم المشفق عليه.. وفيهم الهازئين.. وجحا المسكين بين الصحو والخيال.. يعيد على السؤال.. نفس السؤال..
جحا : مين صاحب البيت.؟ ومين الحرامي.؟ مين سارق البيت.؟ ومين المالك.؟
الفرفور: ايه يا أحباب.. ياللا.. فين الفصاحة.. فين الحداقه..؟ كل ليلة عندنا هيصه وخناقة.. مين الجراب.. ومين الحرامي..؟ واللي يحل التاني لابد طبعا هيحل الأولاني..؟ كل ليلة عندنا ألف ليلة.. كل ليلة تفوت.. جميلة، كل ليلة جراب وبيت.. كل ليلة فول وزيت.. أول الليلة حكاية الجراب.. وآخر الليلة.. مافيش جواب...!!!
- علي وغانم يستمران في المشاجرة ايمائيا، بينما يجمع بقية الممثلون أغراضهم ويخرجون على لحن أغنية النهاية :
جوه كتاب الليالي .. واقفه عروسة بتلالي
وعروستي زي الصورة .. جوه مغاره مسحورة
والغول حارسها بينادي .. ياللا اتلموا يا ولادي
اللي يحل الفزوره .. ياخد ايد السنيوره
والسنيوره دي بتاعتي .. هي لحافي وشماعتي
خدها حرامي وحلنجي .. خدها ولبسها أفرنجي
_ ختــــــــــام _
مشهد الشارع
- مسرحية تعليمية في سبعة مشاهد -
تأليف: د. صالح سعد
اللوحات:
اللوحة الأولى : فاصل افتتاحى / برولوج مرتجل يتكون من :
أ- استهلال جماعى (ارتجال)
ب- الحكاية الرئيسية (مشهد الشارع)
ممثل/ شاهد عيان يروى حادثة طريق .
جـ- التشخيص .. إعادة تمثيل الحادثة وتوزيع الأدوار .
اللوحة الثانية : في المحكمة .
اللوحة الثالثة : الحكاية من البداية في أربعة حركات :
أ- في المنزل .
ب- في العيادة .
ج- عند البوابة .
د - على المحطة .
اللوحة الرابعة : النطق بالحكم .
اللوحة الخامسة : وهكذا كانت النهاية .
الشخوص :
ممثل 1 : الشاهد - القاضي - قناع الممرض - قناع الصبى - الصديق .
ممثل 2 : الضحية (الزوج) .
ممثلة : الزوجة - قناع الحاجب .
مخرج : السائق (التاجر) قناع الطبيب - قناع المرأة المسترجلة (المرابية).
بالإضافة إلى :
- عضو اليمين الذي لا ينطق أبدا (عروسة) .
- عضو اليسار الذي لا ينطق أبدا (عروسة) .
برولوج :
الحكاية الرئيسية (مشهد الشارع):
ممثل / شاهد عيان يروى حادثة طريق .. ممثل / شاهد عيان يروى حادثة طريق ..ويقترح أن يتم الارتجال حول هذا المشهد من خلال الأفكار الآتية :-
1- يدخل ممثل في حالة نفسية سيئة ، يجلس بين الجمهور ..
2- يهرع إليه زملائه يعاتبونه على التأخير ويستفسرون منه عن السبب.
3- يتعلل بسرد حكاية حادثة رآها في الطريق العام عن رجل صدمته سيارة مسرعة ، ويحاول التأثير على الجمهور .
4- يتدخل المخرج ليطلب منهم تمثيل هذه الحكاية كنموذج لمشهد الشارع (الموديل الأساسي في المسرح الملحمي) ثم يدور نقاش حول الموضوع برمته ينتهي إلى التشخيص ، أو أي فكرة أخرى مناسبة .
- التشخيص/ أو إعادة تمثيل الحادثة وتوزيع الأدوار ..
يراعى فيه :
- البدء بـ : ترتيب أوضاع الحادثة وملابستها .. والانتهاء إلى : تشخيص الحادثة (مايم) مع التركيز على أداء الحركات بشكل ظاهر مع مؤثر صوتي مناسب .
- ثبات –
الممثلون يقومون بإعداد كراسي المحكمة وأدواتها وهم يغنون - أغنية المحكمة –
--------------------------------------------
اللوحة الثانية: في المحكمة:
قناع الحاجب : محكمة ...
بسم الشعب ... نفتتح الجلسة
المدعى عليه السيد التاجر المحترم .. سائق العربة والمدعية بالحق المدني المواطنة فلانه الفلانيه زوجة المواطن فلان الفلانى .. الضحية ..
القاضي : (يستجمع صوته وأفكاره) احم .. يا سلام .. سبحان مظهر الحق ..
قناع الحاجب : محكمة ..
القاضي (يتنهد) : إيه .. دنيا ..(يموًل)
علي الأبطال وبتمِلي ..
على جدع زين عليه العين بتملَي ..
الحاجب : (مستحسنا) .. الله ... الله .. (يكمل له)
والليل ماهوش قصير .. إلا على اللي ينامه ..
والشخص مادام فقير .. ماحد يسمع كلامه ..
آه ...
القاضي : (يقاطعه) نادى على سائق العربة ..
الحاجب : السيد التاجر المحترم .. سائق العربة ..
التاجر : (يدخل وهو يغنى أغنية التاجر)
قناع الحاجب : محكمة
القاضي : اسمع يا سيد .. هل تملك سيارة ..
التاجر : نعم أيها السيد
القاضي : وهل كنت تسير بها مساء الأمس أمام قصر الشعب.
التاجر : نعم أيها السيد
عضو اليمين : وهل كنت تنظر في عداد السرعة ؟
التاجر : لا أيها السيد ..
عضو اليسار : لماذا ؟
التاجر : كنت باصص في ساعتي أيها السيد
عضو يمين : ألا تذكر أنك تجاوزت السرعة المقررة للسير داخل المدينة ؟
التاجر : لا أيها السيد
عضو يسار : وهل تذكر أنك رأيت هذه المواطنة أو زوجها المرحوم من قبل ؟
التاجر : لا أيها السيد ..
القاضي : وهل تعلم لماذا أنت هنا الآن ؟
التاجر : لا أيها السيد .. كل اللى أعرفه أنى متعطل عن ميعاد مهم ولازم أمشى ..
القاضي : تقول المواطنة أنك صدمت زوجها بسيارتك فمات ..
التاجر : نعم .. إيه صدمت دى ؟ إزاى تصدقوا واحدة زي دى ، حتة مواطنة لا طلعت ولا نزلت ..
القاضي : جاوب لو سمحت على سؤال المحكمة .. هل صدمت المواطن فلان الفلانى .. الضحية .. ؟
التاجر : أمتي
عضو يمين : مساء يوم أمس .. في تمام الساعة السابعة ..
التاجر : فين .. ؟
عضو يسار : في شارع الأمة .. أمام قصر الشعب ..
التاجر : إزاى ؟
القاضي : الله .. إحنا حنعيده تانى .. ما أنت لسه شايف المشهد .. وأدى صورته كمان أهي .. (تظهر آخر لوحة (مايم) على الشاشة .
التاجر : أيوه .. يا سلام .. داانا اهو .. (يبدو كمن يحاول التذكر) اسكت دى كانت ليلة عبره .. الراجل المجنون ده كان هيضيع على صفقة خطيرة . بس الحمد لله ..
القاضي : يعنى حضرتك بتعترف انك صدمته !؟
التاجر : ايه صدمته دى ؟ يا سعادة الباشا هو اللي خبطني ..
القاضي : هو اللي خبطك .. طب ازاى وليه ؟
التاجر : مش بأقوالك مجنون .. كان قصده يعطلني بس الحمد لله ..
عضو يمين : يعطلك عن إيه ؟
عضو يسار : يعطلك ليه ؟
التاجر : الناس دى يا باشا حصل لها لوثه حقد بعيد عنك .. المواطن من دول يبقى واقف في أمان الله ، ما يصدق يشوف عربية مرسيدس زى عربيته كده وجواها واحد غنى ومحترم زيى كده إلا ويروح حادف نفسه عليه .. بس مين ؟ أنا لا يمكن أسيبه أبدا.
القاضي : هو مين يا سيد .. اللى تسيبه ده ؟
التاجر : اسيبه ده إيه .. تف من يقك .. دا انا أجيبه لو في حضن السبع ..
(صمت - هيئة المحكمة تتداول بسرعة مع بعضها البعض)
القاضي : يبدو أن النيه كانت مبيته .. للأسف .. ودا يغير طبيعة القضية خالص ، بس نحب نعرف الأسباب والخلافات اللى كانت بينك وبين المواطن الضحية واللى أدت إلى الحادث ..
التاجر : ضحية إيه .. وحادث إيه .. يا باشا .. والله ده انا اللى ضحيتكم هنا .. أنا قصدى ع الأرنب .. آه .. أنا مفيش أرنب يقدر يهرب من إيدى أبدا ..
(صمت - المحكمة تتداول مرة أخرى)
القاضي : أعتقد أن المحكمة من حقها تسأل السيد التاجر المحترم عن حكاية الرنب دى .. وازاى وصلت بيك الجرأة إنك تشبه المواطن الطيب بالأرنب .. صحيح إن الأرانب تشبه الإنسان في تركيب الجهاز الهضمى ما عدا الزايدة الدودية .. إلا ..
التاجر : يا سعادة الباشا .. أرنب يعنى مليون .. مليون دولار لامؤاخذة والمواطن بتاعكم ده ما يساويش حتى ولا ربع دولار .
(المحكمة تتشاور فيما بينها مرة ثالثة)
القاضي : آه .. يعنى انت تعترف إنك صدمت المواطن المواطن فلان الفلانى لأنك كنت مستعجل وبتجرى ورا الأرنب ..
التاجر : مستعجل آه .. دا حقى .. شرعا وقانونا .. وسيادتك سيد العارفين .. إحنا ناس إيدينا بيضا .. أما صدمته دى لا .. آه يعنى كده أنه لامؤاخذة انتحر .. وإنى كنت مستعجل إنما ماشى بالسرعة القانونية ..
القاضي : وتفتكر إيه اسباب انتحار المواطن ، وليه اختارك انت بالذات لتنفيذ جريمته
التاجر : الله أعلم يا باشا .. بس زى ما قلت لسعادتك الناس دى حصل لها لوثة .. تقول إيه بقى .. جهل وطمع بعيد عنك .. يا ستار
القاضي : يعنى انت بتتهم المواطن الضحية إنه حاول يعطلك متعمدة ؟
التاجر : ياريت على أنا بس .. أنا راجل طيب ومتنازل عن حقى .. إنما حق الوطن لا يمكن ..
عضو يمين : مش فاهم ..
التاجر : هو مش لما واحد يخالف نظام المرور فيعدى من غير مكانه أو يمشى بسرعة أكثر من سرعته القانونية يبقى دا تعدى على حق الوطن وعلى القانون؟
عضو يسار : مش فاهم ..
التاجر : أنا أفهم سعادتك وأمرى لله .. الراجل المجنون ده كان بيجرى ورا ورقة بعشرة جنيه طارت قدامى ..
القاضي : يا سلام ..
التاجر : وزود على كده كمان .. أنه كمان لابس هدوم زرقا والدنيا ليل ، طبعا عشان يضحك على .. وحضرتك ممكن تشوف تقرير المعاينة .. هتلاقى عندى فانوس اليمين مكسور .. من إيه ؟
القاضي : بس دا المواطن مات ..
التاجر : الله أجله بقى .. إحنا هنعترض .. قال على رأى الشاعر (يغنى مقطعا من أغنية التاجر) .
القاضي : طيب تقدر حضرتك تستريح شويه ..
التاجر : وبعدين أنا مش فاضى يا باشا ..
القاضي : كلها دقايق ونخلص .. (للحاجب) نادى الزوجة لسماع أقوالها ..
الحاجب : المواطنة فلانه زوجة المواطن فلان الفلانى ، الضحية
(تنتزع عنها القناع وتبدأ في الصراخ والعويل)
القاضي : إيه ده .. هدوء من فضلك يا ست .. دى محكمة لها وقارها نوحى في بيتكم دى محكمة مش مندبة ..
الزوجة : ياناس دا الغايب له حبيب ينوح ..
وقلبه في يوم الشوم مجروح ..
يا عينى عليك يا خويا
ياللى رحت زى الحشيش الأخضر ..
زى الحمامة اللى ريشها صغير ..
القاضي : يا ست باقولك كفاية ندب .. وإلا أطلعك بره .. هو راح فين حاجب الزفت .. اسمعى يا ست .. انتى شفتى الراجل ده (يشير إلى التاجر) قبل كده ؟
الزوجة : ابن الحرام ياريتنى شفته ..
لجريت وراه بالسيف وضربته ..
ابن الحرام ياريتنى ريته ..
لجريت وراه واديته ..
القاضي : يعنى ما شفتهوش ..
عضو يمين : تقدرى تقولى لنا ساعة الحادث المواطن جوزك كان فين بالضبط .
الزوجة : باخد ويدى تحت العجل وحده
يا حاضرين ابعتوا لأهله ..
ياخد ويدى تحت العجل وحديه ..
يا حاضرين ابعتوا لأهليه ..
القاضي : لا .. دا انت ما فيش منك رجا خالص .. إيه رأيكم يا جماعة ..
(يتداول لحظة مع مستشاريه)
يكمل : المحكمة ترى أن المواطنة قد فقدت القدرة على التمييز .. ولما كنا حريصين على سماع أقوال الطرفين حرصنا على تأكيد معانى العدالة في مجتمعنا الحر .. وحتى تتوافر لدى المحكمة الأدلة الكافية والشهود العدول .. فقد رأينا ألا يؤخذ بشهادة الزوجة نظرا لفقدانها الأهلية .. ونرى أن يتم استدعاء المجنى عليه فورا وتخطر بذلك مصلحة الأحوال المدنية لإحضاره ..
الحاجب : المواطن فلان الفلانى (المواطن الضحية في مستوى آخر يمشى في مكانه.. )
المواطن : هأنذا أترك الحياة
وأرحل إلى أرض الظلام
أحمل عبئى الذى يرهقنى
بلا اعتراض ..
زمانى الذى مضى
لا لم يكن زمانى ..
طريقى الذى قطعته ..
جهلت غايته ..
القاضي : المواطن فلان الفلانى .. اتفضل يا مواطن
المواطن : نادى المنادى .. (يغير من وجهة سيره)
صوت سيد جديد
اتبعه مستسلما
كما تبعت صوت سيد قديم
لم السؤال
ونحن المطحونون .. كالعبيد ..
وراءنا لا شيئ نتركه ..
أمامنا لا شيئ نرتجيه .
القاضي : أنت المواطن .. فلان الفلانى ..
المواطن : أنظر .. إن اسمى ممقوت ..
أكثر