احلام الرصيف

- المسرح عبارة عن شارع تتوسطه فتاة شبه نائمة وفي اليمين يتواجد الكنـــاس وهو يدندن بأغنية، مسرحية معدة من نصوص شعرية وبينما يقوم بعملية الكنس ينتبه بوجود الخضار.
+ الكناس : ارحل من هنا أريد أن أنظف هذا المكان (بغضب ) ارحل !!!
( الخضار وهو يغير مكانه) : حينما تصحو البلاد من النوم ينتشر الفقراء على أرصفة الشارع المبتلي بالصعاليك.
+الكناس : ماذا تقول
+ الخضار : لا شيء
+الكناس: تناسلتم مثل الجراد و يا للعجب،..
إقتحمتم الأرصفة وملئتم الشارع صخب .
ومثل المجانين ...خرجتم تولولون...
مثل الحمقى
فليسقط الفساد...فليسقط الاستبداد
وليــــــعش الشعب
+ الخضار : نحن الربيعيون رغم ضراوة الوطن الخريف
جئنا من مدن الصفيح ...ومن طوابير الرغيف
من الهامش المنسي ...جئنا بأحلامنا المؤجلة
من قطرتين من السراب و غرفتين على الرصيف
+ الكناس : خضار يسل لقمة العيش في وطن جائع
سيقتل أو يقتل الجوع أقماره
+ الخضار : لم يكن الوطن يوما جائعا
وتلك مسألة سهلة أن تجوع
لكنها صعبة أن تخون البلاد
+ الكناس ( بانفعال) : رصيف مر ينبؤ بثقل الجياع وليل قصير
+ الخضار :هون عليك سيمضي نهار من التعب
+ الكناس : وستمضي السنوات
+ الخضار : ولا ينتهي وجع الذكريات ، سيبقى الطغاة يمرحون
يتقاسمون الأنخاب على جماجم الفقراء
+ الكنــاس : ولا تنتهي شجون الشعراء ، على جثة الورد مر الغزاة
+ الخضار : على صمتنا مر الطغاة
كم شربوا من دماء الضحايا
وما خجلوا من نساء سبايا
( تستفيق الفتاة على إثر سماعها نساء سبايا )
+ الفتاة : وهل في هذا الوطن إلا نساء سبايا
ضحايا ... عاطلات ...مشردات... خادمات ( تصرخ) كائنات ليلية... ونساء تركن المرايا
+ الكناس : ولماذا تركن المرايا ؟
+ الفتاة : قد كسرت
وصار الشرخ فيها أوضع من اليقين
فنحن في بلد يقص أجنحة فراشاته
ويلهث خلف ذباب الأخرين
+ الكناس : رصيف من البؤس
+ الخضار : زمن جمرة الغيض يغلي
من لغط الثائرين
ومن صراخ المعطلين
+ الكناس: ومن بلادة التابعين
+ الخضار : سيزيف مل
ونحن ندفع وهم صخرتنا العقيمة
الذل ينثرنا على الأعتاب أحذية قديمة
وغبار هذ الشارع يطحننا وتهزمنا الهزيمة
+ الكناس : أنا لن أبكي سوى على هذه المكنسة
فقط سأتحسر على الواهمين
من يرضعون الحرية من ثدي الفاسدين
+ الخضار : ناس بغير عقول
+ الكناس : وناس بغير عيون
+الخضار : وناس بغير قلوب
+الكناس : وناس بغير ضمير
( الاثنان معا) : ونـــــاس بغير وطن
(الكناس يأخذ الفتاة من يدها )
+ الكناس : وجسد امرأة في الشارع ملقى
يقتات من ذاته العابرون
+ الخضار : يفترش الأرض نهار
وليلا يستبيحه الساهرون
+الفتاة : على هذه الأرصفة الحنونة كأمي
أنام في ليال الشتاء الطويلة
وأقسم
سأنتزع علم بلادي عن ساريته
وأخيط له أكماما وأزرار
وأرتديه كالقميص إذا لم أعرف
في أي خريف تسقط أسمالي
وأنني مع أول عاصفة تهب على الوطن
سأصعد إحدى التلال القريبة من التاريخ
وأجلس شامخة كالشجرة في الشتاء
حتى أعرف متى تنبت لنا أحلام جديدة
ودموع جديدة... في الربيع !
+الكناس : لا أحلام جديدة فصدر الرصيف ناهد بالجياع والضحايا والمتسولين والنشالين
+ الخضار : متى ننسلخ عن عباءة الخوف نطالع في وهج الشك أحلامنا الحمراء
+ الفتاة: تلك الأحلام لا محال ستغوص في الوحل
وستجهضها أياد سوداء
+ الكناس : لن أبكي سوى على هذا الرصيف
+الخضار : بكاء خارج الزمن ...وشعب مغيب كأنه جيل من الموتى
+الفتاة : هذا الرصيف لي ...بيت كبير يضيق ويضيق
+الخضار : هذا الرصيف ماذنبه !
+الفتاة : ذبحته الوعود حتى أصبح مثقلا بالأحلام التي لا تأتي
( الكناس يحاول الخروج )
+الخضار : إلى أين أنت ذاهب ؟
+الكناس : سأرحل إلى المدن التي ستقوم بإنسانها
+الفتاة : إرحلإرحلإرحل
+ الخضار : فليرحل في صمت هادئ
فقد سمعت أن للياسمين حديثا يشفي الغليل
وأن له أغان تطرب
فليرحفي صمت هادئ
لا نريد تعميق جراح الوطن
الفتاة : رغم الجراح ففي القلب يسكننا الوطن
فنحن نحب الوطن ونهوى الوطن
ونهوى الوطن
(الاثنانمعا ): هوى وطني فوق كل هوى *** جرى في عروقي يا مجرى دمي
ونحن الشباب كبار المنى*** تشـــــــــاد الحيـــاة على عزمنــا